سـحـر حـسـيـن

قاضي محكمة جنح الكــــــــــــرادة :

اعتمـــاد الغرامة كــــــعقوبة تمثل رادعــا لاصلاح الجاني وتكــــون خاضعة لاجتهادات القاضي

   نظراً للتغيير الكبير في قيمة النقد العراقي فان الغرامات الواردة في  قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969  والقوانين الأخرى أصبحت وفق القيمة الجديدة لاتحقق غاية عقوبة الغرامة والمتمثلة بالردع عن ارتكاب الفعل المضر بالمجتمع مما دعا الى  الى تشريع قانون رقم 6 لعام 2010 بغية تعديل الغرامات الواردة بقانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة1969 لتتلائم والفائدة المرجوة من ذلك القانون ولتسليط  الضوء على موضوع عقوبة الغرامة والوقوف على دورها في ردع المخالف عن ارتكاب الجريمة وتاثيرها عليه بما يتناسب مع ايجاد مجتمع واعي وملتزم بحقوق الجميع  ارتاى المركز الاعلامي للسلطة القضائية لتبيان اهمية وفاعلية موضوعة الغرامة والمستجدات التي طرات عليها من خلال اللقاء بعدد من المختصين

قاضي محكمة جنح الكرادة السيد علي سامي السهيل أوضح بان الغرامة تفرض على المخالف في قضايا الإساءة للممتلكات العامة وقضايا السب والشتم وقضايا تحرير الصكوك بدون رصيد وغيرها من القضايا التي تندرج ضمن جرائم الجنح منوهاً بان مبالغ الغرامة المنصوص عليها في قانون العقوبات هي مبالغ قليلة لا تتناسب مع الجريمة المرتكبة داعيا في الوقت نفسه الجهات المختصة  بما فيها وسائل الأعلام للمساهمة في نشر الثقافة القانونية بين اوساط المجتمع بهدف توعية المواطن لضمان تحقيق فكرة الغرامة المتمثلة بردع الجاني واصلاحه  للحيلولة دون عودته الى ارتكاب الجريمة .

 واضاف السهيل ان "العقوبة تشكل نذير للاخرين اذ تحملهم على التفكير بما ينالهم من الم واذى اذا اقدمو على ارتكاب الفعل المخالف للقانون فالاصل في القانون الجنائي هو قوة التنفيذ والتاثير في المجتمع حيث تعتبر عقوبة الغرامة من العقوبات الاصلية المنصوص عليها في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل وبين السهيل بان المشرع العراقي وجد انه من الضروري تشريع قانون جديد لتعديل مبالغ الغرامات فقد اصدر القانون رقم 6 لسنة 2008

  قانون تعديل الغرامات الواردة بقانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل والقوانين الخاصة الاخرى والذي نشر في الجريدة الرسمية الوقائع العراقية بتاريخ 5/4/2010 وقد نصت المادة الاولى من القانون المذكور بان يلغى القرار 206 لسنة 1994 وهذا القرار يتضمن تعديل الغرامات الواردة في قانون العقوبات وقد نصت المادة الثانية بان يكون مقدار الغرامات المنصوص عليها في قانون العقوبات حيث ان الغرامة في المخالفات اصبحت مبلغ لا يقل عن خمسين الف دينار ولا يزيد عن مائتي الف دينار وفي الجنح مبلغ لا تقل على مائتي الف ديناروواحد ولا تزيد على مليون دينار والغرامة في الجنايات مبلغا لا يقل عن مليون دينار ولا يزيد عن عشرة ملايين دينار وقد نصت المادة الثالثة منه على ان تنزل المحكمة مبلغ خمسين الف دينار عن كل يوم يقضيه المحكوم عليه في التوقيف واذا كانت الجريمة معاقب عليها بغرامة فقط فعلى المحكمة عند عدم دفع مبلغ الغرامة ان تحكم بالحبس على المحكوم عليه بمعدل يوم واحد عن كل خمسين الف دينار من مبلغ الغرامة على ان لاتزيد مدة الحبس في كل الاحوال عن ستة اشهر ولفت القاضي بان " المحكمة تــــــــــــــــراعي بذلك  حالة المحكوم عليه المالية والاجتماعية وما استفادة من الجريمة او كان يتوقع الاستفادة منها وظروف الجريمة"وهل هو من اصحاب السوابق ام لا.

 عقوبة الغرامة وتاثيرها على الحاكم والمحكوم

         الباحثة الاجتماعية الست ميسم الطائي والعاملة في احــــــــــــد السجون الاصلاحية كان لها راي اخر مــــــــــن وجهة نظر نفسية واجتماعية فــــــــــي عقوبة الغرامة وتاثيرها ــــــــعلى المحكوم قالت "  أنّ التوجه لتطبيق عقوبات الغرامة لخدمة المجتمع هو أحد الحلول الناجحة لحـــــــــــل مشكلة التكدس في السجون داعية الى التوسع في تطبيق عقوبة الغرامة في الحكم عــــلى القضايا وخاصة قضايا الجنح والمخالفات والتي عادة ماترتكب بسبب جهل المـــــواطن بالقوانين والانظمة  لما للغرامة من اثار ايجابية لكــــــل الاطراف  واضافت ان الغرامة توفر الجهد والمال  وتختصر عدة حلقات ادارية روتينية ، فبمجرد دفع

الغرامة المترتبة على المحكوم فانه سيسهل على المسؤولين فــــــــي السجون عملية نقل الموقوفين إلى المحاكم، والتي تحتاج إلى الجهد والمال، وللحــــفاظ على كرامة ونفسية المخالف وستره وتابعت الحديث هنا يكون عن المخالف (المتهم )  الذين يقعون في الجرم للمرة الأولى، مشيرة إلى أنّ سجن المخطئ أحياناً يترك فــــــــــي نفسه آثاراً نفسية واجتماعية واقتصادية، ما قد يغيّر من سلوكه بعد خروجه هذا اذا ما علمنا ان ارتفاع نسبة الجريمة مـــابعد عام2003 وابرزها القتل والسرقة والــــمخدرات والاخلاقيات  عـــــلى الرغم من أنّ إدارة السجون تسعى لتأهيل النزلاء عـــــن طــــــــريق متخصصين نفسيين واجتماعي فبالتالي تكون الغرامة اخف وقعا على المحكوم عليه واسهل عملا على الحاكم

وتؤكد الطائي ان من خلال تماسها المباشر بالسجناء ان تنوع الآثار السلبية التي تتعرض لها أسرة السجين من طلاق وخلع وانحراف للأبناء وفقر، بالإضافة إلى نظرة المجتمع لمن يسجن، كما لا يمكن إغفال قضية، انتفاء هيبة السجن لدى الإنسان وتزايد الشعور بالبطالة وعدم وجود العمل مما يولد لديه اللجوء للجريمة لتأمين بعض احتياجات حسب رايها .

الغرامة المالية هي عملية تهذيب لانسانية الانسان

      ويرى الناشط المدني والاعلامي شمخي جبر بان القانون هو احد مؤسسات الضبط الاجتماعي في اي مجتمع ، ويمارس القانون عملية تقويم وتعديل لسلوك الافراد من خلال مواده التي تفرض سلوكا معينا يوحد الايقاع السلوكي للافراد فيتم انقاذ المجتمع من اية نشازات سلوكية تؤثر سلبا على السلوك الاجتماعي وبالتالي تحافظ على وحدة المجتمع وحقوق الافراد فيه ،وبما ان الاصل في العقوبة كما يرى فقهاء القانون هو اصلاح الجاني للحيلولة دون عودتة الى الاجرام ولا تهدف العقوبة مهما كان نوعها الى كسر انسانية الانسان او النيل منها بل هي عملية تهذيب لانسانية الانسان ، كما تهدف العقوبة الى ردع الاخرين لان العقوبة نذير للاخرين .

والغرامة كأحد انواع العقوبة التي يفرضها القانون هي عملية تخفيف عن الجاني اذا كانت العقوبة غرامة مالية وتشدد عليه اذا كانت العقوبة مثلا السجن مع الغرامة ، ويلزم القانون مراعاة المحكمة في تقديرها للغــــــــــــرامة اوضاع البلد الاقتصادية فضلا عن اوضاع الجاني ، فهي لاتهدف الــــــــــــــــى تعجيز الجاني والقوانين بجميع اوجهها وموادها تهدف الى حماية المجتمع من الخارجين عليه  والدفاع عن وحدته ، وعلى المجتمع ان يدافع عن تطبيق القانون لانه يحمي الضعفاء من الاقوياء ويحمي الاسوياء من المنحرفين.

  وتقع على وسائل الاعلام مهمة كبيرة في الاشارة دوما الى اهمية الحياة القانونية والاشارة الى ان جميع جزاءات القوانين وعقوباتها لا تستهدف الفرد والمجتمع وانما تهدف الى حمايتهما .

وقد اكتشف الناس ووصلوا الى قناعة ان الحياة دون قوانين او ضوابط ومؤسسات قانونية لايمكن ان تطاق ، بل ستصبح فوضى ، واذا كان البعض يشعر ان القانون يحد من حرياته او يتدخل في سلوكه ، فأنه يحد كذلك من سلوك وحرية من يستهدف حريات الاخرين وسلوكهم .

فالغرامة التي يفرضها القانون لاتهدف الى مكاسب اقتصادية للمؤسسة القانونية بل هي نوع اخر من عملية الضغط على الجناة والخارجين على القانون ، وهي أخف انواع العقوبات.